تبَسَّمَت رِضاءً، وضَمَّتني...-ناجي نعمان (لبنان)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

تبَسَّمَت رِضاءً، وضَمَّتني...

  أنجليك باشا نعمان    

إلى أنجليك باشا نعمان حيثُ هي،
لِمناسبة عيد الأمّ.

أنا واقِفٌ تجاهَ باب العَرين، عَرينِها. إلى يساري ذَكَرٌ لا أعرفُه، وإلى يميني أنثى، لا أعرفُها هي الأخرى.
الذَّكَرُ يحملُ مفتاحًا. أَمسَك به، وهَمَّ لِيَفضَّ قِفلَ الباب.
الكلُّ يَعلَمُ أنَّ العَرينَ خالٍ من أيِّ أُنس، ومنذ سنواتٍ تسع؛ لكنِّي طَلَبتُ من الذَّكَر أن يَقرعَ البابَ لِياقةً، فَفَعَل.
وكأن "إِقرعوا يُفتَح لكم": إشارةٌ، وفُتِحَ بابُ السَّماء...
ويا لَلعَجَب! إنتَصَبَتْ أمامَنا لبوءَةُ العَرين، عجوزًا، وإنَّما في أبهى حالٍ وحلَّة. ظَهَرَتِ اللَّبوءَة، وتَبَسَّمَتْ لي رِضاءً؛ إقتربْتُ منها، ولمَّا أستَوعِبِ الدَّهشةَ بعدُ؛ ضَمَّتْني، فأَبحَرْت...
***

أَبحَرْتُ في سحنتها البَهيَّة، في وجهها السَّموح الآخذِ صفاءً كما لو من عند الله.
وسَبَحتُ في الذِّكريات: ذكرياتِ الأمسِ، طفولةً وشبابًا وكهولة؛ وفي التَّطَلُّعات: تَطَلُّعاتِ الغد، لقاءً موعودًا لا بدَّ مَحتومًا.
وغُصْتُ في ماضي العَرين، من آلة خياطةٍ مُنتِجَةٍ بالجُهد لِباسًا، إلى سُفْرَةٍ تزخَرُ بأطايِبَ لِغذاء جَسَد، إلى تمثال عذراءَ جامِعٍ الأشبالَ لغِذاء روح.
ووَصَلْتُ تُخومَ العَرين، بُستانَه المَليءَ بأشجارٍ مُثمِرَة، من النَّانرج إلى اللَّوز وأصناف اللَّيمون والفاكهة، الطَّافِحَ بالورد والزُّهور والرَّياحين.   
نَعَم، أَبحَرْتُ في ذكريات العَرين وتُخومه حيثُ اللَّبوءةُ هي القائِدَة، فالعَرينُ، كلُّ عَرينٍ، لِلَبوءته، لا لِلَيثِه!
وصفنتُ في مَن يبقى بعد ذهاب الأحبَّة، في كيف له أنْ يُنصِفَ ذِكراهم، وأَيقَنتُ أنْ بذِكرهم يُنصَفون، وبالسَّير على خطاهم، لا بالأشياء؛ فالذِّكرى، إنَّما في الأحشاء هي.
***

وكأن "إِقرعوا يُفتَح لكم": إشارةٌ، وفُتِحَ بابُ السَّماء...
ويا لَلعَجَب! إنتَصَبَتْ أمامَنا لبوءَةُ العَرين، عجوزًا، وإنَّما في أبهى حالٍ وحلَّة. ظَهَرَتِ اللَّبوءَة، وتَبَسَّمَتْ لي رِضاءً؛ إقتربْتُ منها، ولمَّا أستَوعِبِ الدَّهشةَ بعدُ؛ ضَمَّتْني، فأَبحَرْت...
لكنَّ جرسَ المُنَبِّه نبَّهَني مُعلِنًا بدايةَ يومٍ جديد، فاستَيقَظتُ وانطَلَقْتُ مُكمِلاً مِشوارَ الحياة، وإنَّما بزَخمٍ أكثرَ من مُضاعَف: فبعدَ رِضاء اللَّيث حظيتُ برِضاء اللَّبوءة، ودائمًا مِن لَدُنه تَعالى.
رِضاءُ الوالدَين هذا يَكفيني، أقلَّه إلى أن يكونَ لقاءٌ بيننا.
***

ذاكَ كانَ الحلمَ-الهديَّةَ، أحلى حُلمٍ وأحلى هديَّة، قدَّمَته أمِّي لي... في يوم عيدها، عيدِ الأمَّهات.



 
  ناجي نعمان (لبنان) (2009-03-17)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

تبَسَّمَت رِضاءً، وضَمَّتني...-ناجي نعمان (لبنان)

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia